
الرئيس الفيتنامي يعرب عن تقديره لمصر قيادة وشعبًا
أبو الغيط يؤكد على أهمية تعزيز العلاقات بين الدولة العربية وفيتنام
شهدت القاهرة زيارة رسمية تاريخية للرئيس (لوونج كوونج) رئيس جمهورية فيتنام الاشتراكية في أول حضور له إلى مصر منذ توليه المنصب وكذلك أول زيارة من نوعها لرئيس فيتنامي إلى مقر جامعة الدول العربية.
جاءت الزيارة بدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي لتعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين والرغبة المشتركة في دفعها نحو آفاق أرحب على المستويين الثنائي والعربي.
تعاون متبادل
وتركزت الزيارة على بحث سبل تطوير التعاون السياسي والاقتصادي وتنسيق المواقف تجاه القضايا الدولية والإقليمية مع التركيز على تعزيز الاستثمارات المتبادلة وزيادة التبادل التجاري الذي لا يزال أقل من الإمكانيات المتاحة كما تضمنت مناقشة فرص التعاون في مجالات الطاقة الزراعة السياحة، والتعليم إلى جانب بحث القضايا ذات الاهتمام المشترك وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
وأيضا هدفت فيتنام من الزيارة إلى إعادة بناء جسور التعاون التجاري والدبلوماسي حيث تسعى لتوسيع شراكاتها مع دول الشرق الأوسط وأفريقيا ومصر تمثل بالنسبة لها بوابة إلى أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفريقيا بينما مصر ترى في فيتنام بوابة إلى سوق شرق آسيا وجنوب شرق آسيا ومن هنا جاءت الزيارة لتكريس هذا المنحى ورفع العلاقات إلى مستوى شراكة أعمق.
وحققت فيتنام تقدمًا في صناعات محددة فى مجالات التصنيع والزراعة والتكنولوجيا تجعل لديها عروضًا مجدية للتصنيع المحلي ونقل الخبرات، بينما مصر تبحث عن شريك لتوطين صناعات جديدة وتنمية قطاعات الطاقة المتجددة والاقتصاد الرقمي. لذلك فإن مذكرات التفاهم التي تم توقيعها بين البلدين تناولت محاور مثل الاقتصاد الرقمي والتنمية المستدامة والطاقة المتجددة. كما أن الزيارة تعد محطة دبلوماسية مهمة فهي بمثابة لم شمل تاريخي للعلاقات (دبلوماسية منذ ستينيات القرن الماضي وحافز لإطلاق فصل جديد في التعاون بعد عقود من العلاقات الودية).
العلاقات الدبلوماسية بين مصر وفيتنام
تعود إلى عام 1963 حين دعمت مصر حق الشعب الفيتنامي في الاستقلال والوحدة وكانت من أوائل الدول العربية التي اعترفت بفيتنام الموحدة عام 1975 ومنذ ذلك الحين شهدت العلاقات تنسيقًا سياسيًا في المحافل الدولية وتعاونا متزايدًا في مجالات الزراعة والصيد والتجارة والتعليم رغم أن حجم التبادل التجاري لا يزال بحاجة إلى المزيد من التطوير.
ورافق الرئيس الفيتنامي في زيارته وفد رفيع المستوى يضم رئيس الوزراء وعددًا من الوزراء المعنيين بملفات الاقتصاد والاستثمار والصناعة والزراعة والسياحة إضافة إلى كبار مسئولي وزارة الخارجية ورجال أعمال بارزين في مجالات الطاقة والبنية التحتية والصناعات الغذائية. ووجود هذا الوفد أكد الطابع العملي للزيارة حيث جرى توقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات لتعزيز التعاون الاقتصادي كل حسب تخصصه.
لقاء القمة
وعقد الرئيس عبد الفتاح السيسي جلسة مباحثات موسعة مع الرئيس الفيتنامي تناولت سبل تعزيز التعاون الثنائي والتشاور حول القضايا الدولية وجدد السيسي خلال كلمته موقف مصر الثابت تجاه القضية الفلسطينية ورفضها التام لأي محاولات للتهجير القسري مشددًا على ضرورة التوصل إلى حل عادل وشامل يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. كما رحب الرئيس أيضا بتطوير التعاون الاقتصادي والاستثماري مع فيتنام مؤكدا على أن مصر تمثل بوابة لانفتاح فيتنام على القارة الأفريقية والعالم العربي.
ومن جانبه أعرب الرئيس الفيتنامي عن تقديره لمصر قيادة وشعبا وأشاد بدورها في دعم الاستقرار الإقليمي مؤكدًا حرص بلاده على دفع التعاون مع مصر في مجالات الاقتصاد والتعليم والسياحة وتعزيز التبادل الثقافي بما يخدم الشعبين.
فيتنام والعرب
وشملت الزيارة أيضا دور دبلوماسي أوسع لفيتنام من خلال زيارة الرئيس كوونج لجامعة الدول العربية ولقاؤه بالأمين العام للجامعة وبالمندوبين الدائمين للدول العربية وذلك يظهر رغبة فيتنام في لعب دور أكبر في الدبلوماسية متعددة الأطراف والدعم المتبادل في المنتديات الدولية ولا سيما قضايا الشرق الأوسط التي تهم الدول العربية حيث ترتبط فيتنام بعلاقات دبلوماسية مع معظم الدول العربية وتعتبر المنطقة العربية شريكًا مهمًا على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، وتستورد فيتنام النفط ومشتقاته من دول عربية وتصدر منتجات غذائية وملابس وأجهزة إلكترونية. كما تشارك في الحوار العربي – الآسيوي وتدعم القضايا العربية في المحافل الدولية خاصة القضية الفلسطينية.
وقد استقبل أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية الرئيس الفيتنامي وبصحبته وفد رفيع المستوى يضم رئيس اللجنة السياسية الداخلية للحزب الشيوعي الفيتنامي وكذلك كل من وزراء الخارجية والدفاع والتعليم.
وأكد أبو الغيط لأهمية الزيارة بالنسبة للدول العربية وعلى أهمية تعزيز العلاقات بين الجامعة العربية ودولها الأعضاء وبين فيتنام وذلك في إطار مذكرة التفاهم التي تم توقيعها بين الجانبين عام 2023 والتطلع لتفعيل التعاون في مجالات التجارة والصناعة التكنولوجيا والابتكار والثقافة. وقد أشاد أبو الغيط خلال اللقاء بالمواقف الفيتنامية الداعمة باستمرار للقضية الفلسطينية القضية المركزية لجامعة الدول العربية والتي تدعم مبدأ حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود ما قبل عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وكذلك حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. أما الرئيس كوونج فقد أكد خلال اللقاء على الرغبة الحقيقية لفيتنام حكومة وشعباً في الارتقاء بالعلاقات العربية الفيتنامية إلى آفاق أرحب بما يسهم في تحقيق الازدهار والتنمية للجانبين.
وفي كلمته أمام المندوبين الدائمين أعرب عن تطلع الجانب الفيتنامي لتطوير علاقات التعاون مع جامعة الدول العربية ودولها الأعضاء في مختلف المجالات كما أوضح أهم ملامح الرؤية الفيتنامية تجاه التطورات الإقليمية والدولية مشيراً إلى التجربة الفيتنامية التنموية والاقتصادية الرائدة بالإضافة إلى رؤيتها المستقبلية للعلاقات العربية الفيتنامية .
دور محوري
كما أشار إلى دور مصر المحوري في بناء هذه الجسور منذ ستينيات القرن الماضي مؤكدًا على أن بلاده تسعى لتعزيز الشراكة مع الدول العربية في مجالات الأمن الغذائي الطاقة المتجددة والتكنولوجيا مبرزًا دعم فيتنام للقضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
خطوة استراتيجية
وختامًا لا شك أن هذه الزيارة مثلت خطوة استراتيجية لتعزيز التعاون بين مصر وفيتنام وفتح مجالات جديدة للاستثمار والتبادل التجاري بالإضافة إلى أنها فرصة لتنويع الشركاء الاقتصاديين في ظل بيئة جيوسياسية مضطربة فتوسيع العلاقات مع دول نامية صاعدة مفيد لاستقطاب استثمارات جديدة وتقليص الاعتماد على قوى تقليدية.
كما أنها تمنح العالم العربي فرصة لبناء شراكات قوية مع أحد الاقتصادات الصاعدة في آسيا وعلى الصعيد السياسي، جاءت الرسائل المشتركة بين القاهرة وهانوي داعمة لحقوق الشعب الفلسطيني ورافضة لأي إجراءات أحادية وهو ما يعزز الموقف العربي في المحافل الدولية وبذلك فإن الزيارة لا تحمل بعدًا ثنائيًا فقط بل تمثل إضافة لرصيد التعاون العربي–الآسيوي في ظل التحديات العالمية الراهنة. أما على المستوى الإقليمي والدبلوماسي فاستقبال رئيس دولة أسيوية ورفع العلاقات لمستوى شراكة شاملة يعزز من مكانة القاهرة كمركز إقليمي وملتقى للاتصالات متعددة الأقطاب.
وعلى المستوى العربي فقد منحت الزيارة فرصه للعالم العربي لبناء شراكات قوية مع أحد الاقتصادات الصاعدة في آسيا.
وبالنسبة لفيتنام فهذه الزيارة مدخل إلى الشرق الأوسط وإفريقيا لأن مصر منصة فعالة لاقتحام أسواق عربية وأفريقية أوسع، وأيضا زيارة الرئيس الفيتنامي للجامعة العربية عززت من حضور فيتنام في الساحات العربية وتزيد من قدرتها على لعب دور جسر بين آسيا والعالم العربي.
اكتشاف المزيد من جورنال أونلاين
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.