حوادث

احتلال بنكي ناعم : عندما تُجمّد أموالك ويُصادر حقك في السؤال

BMCI GROUPE BNP PARIBAS المغرب

أحدث الأخبار
مؤشرات الأسواق العالمية

من تجربة زبون إلى قضية رأي عام

في زمنٍ أصبحت فيه البنوك تُقدّم نفسها كشريك موثوق في الحياة المالية للمواطن، وتتغنّى بقيم الشفافية والثقة وحسن الخدمة، قد يصطدم الزبون فجأة بواقع مختلف تمامًا: واقع تغيب فيه المساءلة، وتُمارَس فيه سلطات تعسفية، ويتحوّل فيه الحساب البنكي من وسيلة تيسير إلى أداة قهر صامت.

ما حدث هنا ليس قصة خيالية، ولا حالة فردية معزولة، بل تجربة واقعية تكشف الوجه الخفي لبعض الممارسات البنكية، وتطرح تساؤلات جدّية حول حدود السلطة المصرفية، ومدى احترامها لحقوق الزبون المغربي داخل بلده.

يقول صاحب الشكوى:

لم أتخيّل يومًا، وأنا أفتح حسابًا بنكيًا لدى إحدى المؤسسات المصرفية الأجنبية العاملة في بلادنا، أنني أضع نفسي ضمن علاقة غير متوازنة، يُملي فيها طرف واحد الشروط، وتُمارس فيها سلطة مطلقة دون ضمانات تحمي حقوقي كمواطن، قبل أن أكون مجرد زبون.

طوال عام كامل، كانت الأمور تسير بسلاسة: راتبي يُحوّل بانتظام، اشتراكات التأمين تُقتطع بدقة، ورسوم الخدمات تُسحب شهريًا كما هو متفق عليه. لم يخطر ببالي أبدًا أن هذا النظام سينقلب فجأة إلى حالة من العبث الإداري والضبابية الكاملة.

كل ما فعلته أنني تقدّمت بطلب قرض استهلاكي – وهو حق مشروع، لا منّة فيه ولا تجاوز. طلب بسيط، يُقبل أو يُرفض. وقد تمّ رفضه، وهو ما أقبله كحق للبنك. لكنّ ما حدث بعد ذلك لا يمكن وصفه سوى بالانتهاك الصريح لحقوق الزبون: تم تجميد حسابي البنكي بالكامل دون أي إشعار، ودون سابق إنذار أو تفسير.

لم يصلني اتصال، ولا بريد إلكتروني، ولا حتى رسالة نصية. وعندما ذهبت إلى الوكالة البنكية للاستفسار، فوجئت بأن الموظفين لا يعلمون شيئًا، وكانوا في حيرة من أمرهم مثلي تمامًا. تساؤلات كثيرة بدأت تحاصرني: هل صدر بحقي أمر قضائي؟ هل هناك شبهة تبييض أموال؟ هل تم اكتشاف خلل في ملفي؟ لا شيء من ذلك. لا يوجد أي سبب ظاهر، لا قانوني ولا منطقي، يبرّر ما جرى.

شعرت وكأنني أُعاقَب على جريمة مجهولة، دون توضيح أو تبرير. وازدادت الصدمة حين اكتشفت أن بطاقتي البنكية – التي أؤدي عنها رسومًا سنوية – قد اختفت من التطبيق الإلكتروني بشكل مفاجئ. لا إشعار، لا تحذير، فقط تم حذفها وكأنها لم تكن.

رفعت شكاية رسمية إلى الإدارة العامة للمؤسسة، لكن لا رد. لا تأكيد على استلام الشكوى، ولا تواصل. وبعد إرسال بريد إلكتروني، تم تمكيني من جزء من أموالي، بينما بقي الجزء الآخر مجمّدًا، في انتظار مراسلة جديدة!

هل أصبح من الضروري أن أُطالب بحقي في أموالي عبر الإيميل؟

هل يُعقل أن يُجمّد حساب بنكي دون أي مسار قانوني أو إداري شفاف؟

هل وصلنا إلى مرحلة تمارس فيها البنوك الأجنبية سلطتها فوق أرضنا وكأننا في وضع احتلال ناعم، تُصادر فيه كرامة المغاربة بلا حسيب أو رقيب؟”

يختم صاحب الشكوى بقوله:

ما جرى لا يمكن اعتباره خطأ فرديًا، بل هو انعكاس لهيمنة مالية لا تخضع للمساءلة، وممارسات تتجاوز حتى ما يقوم به القضاء في حق المتهمين.

لقد تواصلت مع بنوك أخرى ورويت ما حدث، وكان الجواب واضحًا: حتى في ملفات الجرائم المالية، هناك إجراءات، وحقوق، وتفسير لكل خطوة.

نحن لا نرفض التعامل مع البنوك الأجنبية، ولكننا نرفض أن يتحوّل هذا التعامل إلى وصاية وتعالٍ واستهانة. المغرب ليس مستعمرة، والمغاربة ليسوا مجرد أرقام في نظام مغلق لا يعترف بالكرامة.

سؤال مفتوح للإدارة العامة

هل ما زلتم تؤمنون بأن العلاقة بين البنك والزبون يجب أن تُبنى على الشفافية والاحترام المتبادل؟

أم أن هذه العلاقة، في نظركم، انتهت، لتحلّ محلها سلطة بنكية مطلقة لا تفسّر شيئًا، ولا تُحاسب على قراراتها؟

في انتظار توضيحاتكم، لنا عودة للموضوع… بتفاصيل أوفى.

يتبع…


اكتشاف المزيد من جورنال أونلاين

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

هانى خاطر

الدكتور هاني خاطر حاصل على درجة الدكتوراه في السياحة والفندقة، بالإضافة إلى بكالوريوس في الصحافة والإعلام. يشغل حالياً منصب رئيس الاتحاد الدولي للصحافة العربية وحقوق الإنسان في كندا، كما يتولى رئاسة تحرير موقع الاتحاد الدولي للصحافة العربية وعدد من المنصات الإعلامية الأخرى. يمتلك الدكتور خاطر خبرة واسعة في مجال الصحافة والإعلام، ويُعرف بكونه صحفياً ومؤلفاً متخصصاً في تغطية قضايا الفساد وحقوق الإنسان والحريات العامة. يركز في أعماله على إبراز القضايا الجوهرية التي تمس العالم العربي، لا سيما تلك المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والحقوق المدنية. طوال مسيرته المهنية، قام بنشر العديد من المقالات التي سلطت الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات التي تطال الحريات العامة في عدد من الدول العربية، فضلاً عن تناوله لقضايا الفساد المستشري. ويتميّز أسلوبه الصحفي بالجرأة والشفافية، ساعياً من خلاله إلى رفع الوعي المجتمعي والمساهمة في إحداث تغيير إيجابي. يؤمن الدكتور هاني خاطر بالدور المحوري للصحافة كأداة فعّالة للتغيير، ويرى فيها وسيلة لتعزيز التفكير النقدي ومواجهة الفساد والظلم والانتهاكات، بهدف بناء مجتمعات أكثر عدلاً وإنصافاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا