أحدث الأخبار
محليات ومجتمع مدنى

في النسخة الثامنة لأسبوع المياه بالقاهرة .. مصر تقود الحوار العالمي حول الأمن المائي

كتب: أيمن وصفى

الرئيس السيسي: المياه قضية وجودية تمس حياة الشعوب واستقرار الدول

سفيرة الاتحاد الأوروبي أنجلينا إيخهورست تؤكد: نعتبر مصر شريكًا استراتيجيا رئيسيًا في قضايا المياه والتنمية المستدامة

 

 

تحت رعاية الرئيس السيسي وبتنظيم من الاتحاد الأوروبي والدولة المصرية، شهدت القاهرة انعقاد النسخة الثامنة من (أسبوع القاهرة للمياه 2025)، الذي جمع قادة وخبراء وصنّاع قرار من أكثر من خمسين دولة حول العالم، من بينها عدد من الدول العربية، وكذلك جامعة الدول العربية، ويأتي هذا المؤتمر ضمن جهود مصر لتعزيز الأمن المائي في المنطقة، وتطوير أساليب إدارة الموارد المائية ومواجهة تحديات التغير المناخي، من خلال مبادرات مشتركة مع شركاء دوليين وإقليميين، ويؤكد مكانة مصر كقلب النقاش العالمي حول المياه، وكرمز إقليمي للتعاون والتنمية المستدامة.

في افتتاح المؤتمر من خلال كلمة مسجلة وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي كلمة قوية أكد فيها أن المياه ليست مجرد مورد اقتصادي بل قضية وجودية تمس حياة الشعوب واستقرار الدول، مشددا على أن مصر رغم محدودية مواردها المائية قطعت خطوات واسعة في إدارة هذا الملف من خلال مشروعات التحلية وإعادة الاستخدام وتطوير نظم الري الحديثة، محذرًا من التهديدات الناتجة عن الإجراءات الأحادية في إقامة السدود دون اتفاقيات قانونية ملزمة في إشارة واضحة إلى قضية سد النهضة، داعيًا المجتمع الدولي لدعم التعاون العادل، وتجنب أي خطوات قد تخلق أزمات أو صراعات مائية.

كما أكد الرئيس أيضا على أن التعاون هو السبيل الوحيد لتأمين مستقبل الشعوب، مشيرًا إلى المبادرات المصرية التي تدعم الدول الأفريقية والعربية في بناء القدرات وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية، وختم كلمته برسالة أمل بأن (المياه يمكن أن تكون أداة للتنمية والسلام لا سببا للنزاع).

لعب الاتحاد الأوروبي دورًا محوريًا في المؤتمر حيث حضر الوفد برئاسة مفوضة الاتحاد الأوروبي في مصر السفيرة (أنجلينا إيخهورست) التي أكدت في كلمتها الختامية أن الاتحاد الأوروبي يعتبر مصر شريكا استراتيجيا رئيسيًا في قضايا إدارة الموارد المائية والتنمية المستدامة، مؤكدة على اهتمام الاتحاد بقضية سد النهضة وأهميتها بالنسبة لمصر، مشيرة أيضًا على التزام الاتحاد الطويل الأمد تجاه التغير المناخي في المنطقة، مؤكدة على أن التعاون الأوروبي المصري لا يقتصر على الدعم المالي بل يشمل نقل التكنولوجيا والخبرات وتطوير المشروعات المشتركة لتحسين كفاءة استخدام المياه وتعزيز أساليب الري الحديثة ودعم المبادرات الإقليمية التي تربط دول حوض النيل والدول العربية لتحقيق الأمن المائي المستدام، مشيدة بالمشاركة الواسعة من الدول العربية والمنظمات الإقليمية وفي مقدمتها جامعة الدول العربية، مؤكدة أن هذا التعاون يمثل نموذجًا عالميًا ناجحًا يجمع بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة ومواجهة التغير المناخي.

وفي إطار إبراز دور الشباب والابتكار قامت السفيرة بتسليم جوائز الاتحاد الأوروبي للابتكار في مجال المياه تقديرًا للباحثين والمبتكرين الشباب الذين قدموا حلولًا علمية وتطبيقية لمواجهة ندرة المياه.

وفي المؤتمر الصحفي الذي عقدته على هامش الاجتماع أكدت السفيرة إيخهورست على أهمية تطوير البنية التحتية للمياه كأداة أساسية لتحقيق الاستدامة المائية، وأشارت إلى أن كل قطرة مياه تحدث فرقا مشيدة بمبادرة وزارة الري المصرية التي تهدف إلى ترشيد استهلاك المياه وتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على هذا المورد الحيوي.

كما شددت على ضرورة تغيير سلوكيات هدر المياه مشيرة إلى أن المسابقات والحملات التوعوية تلعب دورًا مهمًا في هذا الصدد، وأعربت عن تفاؤلها بمستقبل التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومصر في مجال المياه، مؤكدة أن توفير كل قطرة مياه يسهم بشكل كبير في مواجهة التحديات المائية.

وفي ختام المؤتمر ألقى رئيس الوزراء مصطفى مدبولي كلمة موسعة أكد فيها أن مصر تسعى لتكون نموذجا رائدا في إدارة الموارد المائية، مستعرضًا جهود الدولة في تطوير مشروعات التحلية وإعادة الاستخدام وتحديث نظم الري، بما يضمن أمنًا مائيًا مستدامًا للشعب المصري وللدول الشريكة، مشيرًا إلى أن أسبوع القاهرة للمياه يمثل منصة فعالة لتبادل الخبرات وعرض أفضل الممارسات في مجال إدارة المياه، مشددًا على أهمية التعاون الإقليمي والدولي لضمان مواجهة التحديات المائية المشتركة وتعزيز التنمية المستدامة في المنطقة.

كما تحدث المهندس رائد أبو السعود وزير المياه والري الأردني فى كلمة بارزة تناول فيها التحديات المائية التي تواجهها المملكة الأردنية، مؤكدًا أن الأردن يُعد من أفقر دول العالم مائيًا، حيث يبلغ نصيب الفرد من المياه أقل من 100 متر مكعب سنويًا، وهو ما يُعد من أدنى المعدلات عالميًا.

مشيرًا إلى أن بلاده تبذل جهودًا كبيرة للتعامل مع هذه الأزمة من خلال تنفيذ مشروعات استراتيجية مهمة أبرزها مشروع (الناقل الوطني للمياه) الذي يهدف إلى نقل المياه المحلاة من البحر الأحمر إلى المناطق الداخلية، بما في ذلك العاصمة عمان باستخدام الطاقة المتجددة لتقليل تأثيرات التغير المناخي؛ مستعرضا مبادرات الأردن في مجالات إعادة استخدام المياه العادمة، وتحسين كفاءة استهلاك المياه في الزراعة، وتوسيع مشاريع تحلية المياه، مؤكدًا على أهمية التعاون الإقليمي والدولي لمواجهة تحديات المياه المشتركة، مشيدًا بالدور الذي يلعبه أسبوع القاهرة للمياه في تعزيز الحوار والتعاون بين الدول العربية والأفريقية لمواجهة تحديات المياه، مؤكدًا على ضرورة تبادل الخبرات والتقنيات الحديثة لتحقيق الأمن المائي في المنطقة.

مشاركة عربية واسعة تمثلت في حضور وزراء ومسؤولي المياه والبيئة والزراعة من الأردن والسعودية والسودان وسوريا وفلسطين والمغرب وتونس، وعقد على هامش الأسبوع اجتماع مشترك لوزراء الزراعة والمياه العرب بهدف توحيد الرؤى وتعزيز التعاون العربي في مواجهة تحديات ندرة المياه والتصحر، وتأثيرات التغير المناخي على الأمن الغذائي العربي، وخرج الاجتماع بعدة توصيات تؤكد ضرورة إقامة مشروعات عربية مشتركة لتحسين إدارة الموارد المائية، وتبادل الخبرات في مجالات التحلية وإعادة التدوير واستخدام التكنولوجيا الحديثة، مع التنسيق الكامل مع جامعة الدول العربية لضمان تكامل الجهود الإقليمية.

أعلنت مصر خلال المؤتمر عن عدد من المبادرات الإقليمية الجديدة أبرزها مبادرة (التكيف والصمود في قطاع المياه) التي أطلقتها بالتعاون مع اليونسكو والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)، بهدف دعم الدول النامية في بناء القدرات الفنية وتطوير مشروعات لمواجهة آثار التغير المناخي، كما تم استعراض مشروعات مصر في مجالات تحلية المياه وإعادة الاستخدام وتبطين الترع، والتي أسهمت في ترشيد مليارات الأمتار المكعبة سنويًا من مياه الري، إلى جانب الاستثمار في الطاقة النظيفة وتدوير المياه في المناطق الساحلية والصناعية.

وأخيرًا فإن أسبوع القاهرة للمياه حدثًا كبيرا ومهما يتجاوز البعد الفني إلى البعد الدبلوماسي والسياسي، إذ بات منصة سنوية ترسّخ من خلالها مصر دورها كقائد إقليمي في إدارة الحوار حول المياه، وكصوتٍ للدول النامية في مواجهة التحديات العالمية.

ويرى خبراء أن خطاب الرئيس السيسي شكل ضغطًا دبلوماسياً متجدداً لدفع الأطراف الدولية نحو التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن السدود العابرة للحدود، خصوصًا في منطقة حوض النيل، وفي المقابل أظهر الاتحاد الأوروبي والدول العربية تفهما واسعًا للموقف المصري، مؤكدين على دعمهم لنهج التعاون والتفاهم المشترك في إدارة الأنهار والمياه العابرة للحدود.

كما يؤكد على أن مصر الجديدة تسير بخطى ثابتة نحو استعادة دورها الريادي في قيادة الملفات الإقليمية الحساسة، وأن رؤيتها للتنمية المستدامة باتت نموذجًا يُحتذى به عالميًا فمن خلال الجمع بين القيادة السياسية القوية والدعم الأوروبي الملموس بقيادة السفيرة أنجلينا إيخهورست، والتعاون العربي المتوازن بقيادة جامعة الدول العربية استطاعت القاهرة أن تجعل من المياه التي كانت سببًا للصراع عبر التاريخ جسرًا للتواصل والتكامل والسلام.


اكتشاف المزيد من جورنال أونلاين

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا