انطلاق احتفالية دار الإفتاء بمرور 130 عامًا على تأسيسها بحضور كبار الشخصيات الدينية والتنفيذية ورجال الفكر والإعلام
كتب: أيمن وصفى

انطلقت فعاليات احتفالية دار الإفتاء المصرية بمناسبة مرور 130 عامًا على تأسيسها، وذلك بقاعة الاحتفالات بمقر الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، بحضور نخبة من كبار الشخصيات الدينية والتنفيذية، وفي مقدمتهم المفتون السابقون وأُسر المُفتين الراحلين الذين أسهموا في مسيرة الدار عبر أكثر من قرن من العطاء.

وجاء بَدْءُ الاحتفالية في الذكرى التاريخية لتأسيس دار الإفتاء المصرية التي توافق 23 نوفمبر 1895؛ حيث تستعيد الدار خلال الفعاليات مسيرتها التي امتدت لثلاثة عشر عقدًا من العمل المؤسسي الرصين، باعتبارها أول دار إفتاء منظمة رسميًّا في العالم الإسلامي، ومرجعًا علميًّا معتبرًا يسهم في تعزيز الوعي وترسيخ الاستقرار المجتمعي.
وشهدت الاحتفالية حضورًا واسعًا من قيادات المؤسسات الدينية والعلمية والشخصيات العامة، حيث تتضمن الفعاليات استعراضًا لمراحل التطور التاريخي للدار وإسهامات المفتين المتعاقبين، إضافة إلى إبراز الدور العلمي والبحثي الذي قامت به الدار عبر مؤسساتها المختلفة.
وتتضمن فعاليات الحفل عرض فيلم وثائقي يرصد التاريخ العريق لدار الإفتاء المصرية، ويستعرض محطاتها البارزة وإسهاماتها في تجديد الخطاب الديني وترسيخ منهج الوسطية. كما تشهد الاحتفالية إلقاء كلمات لعدد من المفتين السابقين، الذين يتناولون خلالها الدور الوطني والعلمي الذي اضطلعت به الدار في دعم استقرار المجتمع وخدمة قضايا الوطن، وتوثيق مسيرتها الثرية عبر مختلف العصور.
ويختتم الحفل بتكريم المفتين السابقين تقديرًا لعطائهم العلمي والإفتائي وإسهاماتهم في تطور العمل الإفتائي والمؤسسي داخل الدار.
مفتي الجمهورية في كلمته في احتفال دار الإفتاء بمرور 130 عامًا على إنشائها: دار الإفتاء كانت وما زالت ركيزة لنشر الفكر الوسطي وتصحيح المفاهيم وتعزيز الوعي الديني
– تراث دار الإفتاء كنز فقهي ومعرفي ينهل منه الباحثون في الشرق والغرب
– المفتون الذين تولوا دار الإفتاء عبر تاريخ الدار كانوا نخبة مختارة وصفوة مجتباة من الله تعالى
– تاريخ دار الإفتاء يشهد على تجربة جمعت بين الأصالة والمعاصرة دون إفراط أو تفريط
– واجهنا الفكر المتطرف الديني واللاديني ووقفنا ضد أي تهديد للهُوية المصرية
– دار الإفتاء منذ نشأتها حرصت على أن تكون امتدادًا للمنهج الإسلامي الصحيح والفكر المتزن
– الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء أصبحت قاطرة دولية لمواجهة الفتاوى الضالة حول العالم
– دار الإفتاء أصبحت كيانًا دوليًّا يسهم في نشر المنهج الوسطي وصناعة الفتوى الرشيدة
– نستشرف مستقبلًا إفتائيًّا رشيدًا رغم تحديات العولمة والذكاء الاصطناعي

أكَّد “أ.د.نظير محمد عياد” مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن دار الإفتاء المصرية عبر تاريخها الممتد كانت -وما زالت- ركيزة أساسية في نشر الفكر الوسطي المعتدل، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، وتعزيز الوعي الديني والمجتمعي، ومواجهة الفكر المتطرف، مستمدةً منهجها من وسطية الأزهر الشريف وقيمه الراسخة.
جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها فضيلته في الجلسة الافتتاحية لاحتفالية دار الإفتاء المصرية بمناسبة مرور 130 عامًا على تأسيسها، بحضور عدد من الوزراء وقيادات الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، ورجال الفكر والثقافة والإعلام والمجتمع المدني.
وخلال كلمته، استعرض المفتي بداية من تولى منصب الإفتاء، مشيرًا إلى أن النبي الكريم «صلى الله عليه وسلم»، كان أول من تولى هذه المكانة، وكان صلى الله عليه وسلم يفتي بوحي الله عز وجل، وكانت فتاواه «جوامع الأحكام» المشتملة على فصل الخطاب، ثم تولى الفتوى بعده الصحابة وآل البيت الكرام رضي الله عنهم، الذين امتازوا بعمق العلم وصدق الإيمان وحسن البيان، ثم انتقلت هذه الأمانة من بعدهم إلى التابعين كسعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح، وغيرهما ممن أجاز لهم أكابر الصحابة القيام بأمر الإفتاء.
وأوضح مفتي الجمهورية، أن المذاهب الفقهية الثمانية قد استقرت في الأمة الإسلامية بعد ذلك، ومنها المذاهب السنية الأربعة (الحنفي، المالكي، الشافعي، الحنبلي)، والمذاهب الشيعية (الإمامي، والزيدي)، والمذهب الإباضي، والظاهري، وقد تبلورت في مدارس فقهية لها أصول وقواعد، وتولى أئمتها وكبار علمائها الإفتاء عبر العصور، مؤكدًا أن العصر الحديث شهد تحول الفتوى إلى مؤسسة رسمية لها نظامها وهيكلها الإداري والعلمي، وكانت “دار الإفتاء المصرية” رائدة المؤسسات الإفتائية في هذا المجال.
وأكد فضيلة المفتي أن الاحتفال بمرور 130 عامًا على تأسيس دار الإفتاء هو مناسبة لاستحضار تراثها العظيم الذي أصبح كنزًا فقهيًّا ومعرفيًّا ينهل منه الباحثون والدارسون، لما يتسم به من منهجية أصيلة توازن بين النصوص الشرعية ومتطلبات الواقع، محققًا بذلك مقاصد الشريعة ومكارمها، مشيرًا إلى أن دار الإفتاء عبر تاريخها قد احتضنت شيوخًا ومفتين كبارًا كانوا نخبة مختارة وصفوة مجتباة من الله تعالى، حملوا أمانة الفتوى، وعملوا على ترسيخ الاستقرار المجتمعي ونشر قيم التسامح والتعايش، فضلًا عن دورهم الوطني في مواجهة الفكر المتطرف وكشف انحرافاته، وصد محاولات العبث بالهُوية المصرية التي تجمع بين الانتماء الديني والقومي.
وأضاف مفتي الجمهورية أنه عندما تبلغ دار الإفتاء عامها المائة والثلاثين، فإن هذا الامتداد الطويل لا يحضر بوصفه تاريخًا محفوظًا، بل شاهدًا على تجربة استطاعت أن تجمع بين أصول لا تتبدل ووقائع لا تستقر، بمنهج قويم لا يبحث عن التجديد في صورته بل في تحقيق مقتضاه العلمي والمقاصدي، مبينًا أن دار الإفتاء منذ نشأتها حرصت على أن تكون امتدادًا للمنهج الإسلامي الصحيح، والفكر المتزن، وسعت إلى مواجهة الفكر المتطرف بشقيه الديني واللاديني، كما بقيت كيانًا وطنيًّا يشارك الدولة المصرية آمالها وآلامها، ويسهم في نهضتها الحضارية من خلال تسليط الضوء على الفتوى الوسطية كأداة لبناء المجتمعات وتنميتها”.
وأشار المفتي إلى أن دار الإفتاء المصرية أصبحت -بفضل الله- “كيانًا دوليًّا وعالميًّا” يسعى لنشر الفكر الوسطي والمنهجية السليمة لصناعة الفتوى من خلال الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، التي أنشئت عام 2015، والتي أصبحت قاطرة في مواجهة الفتاوى الضالة والمنحرفة.
وفي رؤيته لمستقبل دار الإفتاء، أكد المفتي أننا نستشرف مرحلة جديدة تتزايد فيها تحديات العولمة والذكاء الاصطناعي، مشيدًا بجهود جميع قطاعات دار الإفتاء والعاملين بها، ومؤكدًا دعمه لهم في طريق مستقبل إفتائي رشيد، مختتمًا كلمته بالتأكيد على أن الاحتفال بالذكرى الـ130 ليس مجرد مناسبة تاريخية، بل هي “لحظة يراجع فيها الإفتاء موقعه بين الناس”، مؤكدًا أن “الثبات لا يعني الجمود، والتغيير لا يعني الانفلات”، وأن الفتوى لا تستقيم إلا بعلم راسخ وبصيرة نافذة وتأنٍّ يميز بين المصلحة الدائمة والحاجة العارضة.
حضر الحفل أ.د.أسامة السيد الأزهري، وزير الأوقاف، وأ.د.أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، والمهندس، محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال، والدكتور، ابراهيم صابر، محافظ القاهرة، والمهندس، عادل النجار، محافظ الجيزة، والمهندس، حاتم نبيل، رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، والسيد محمود الشريف، نقيب الأشراف، وأ.د.محمد عبدالدايم الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، وأ.د.علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، مفتي الجمهورية الأسبق، وأ.د.نصر فريد واصل، عضو هيئة كبار العلماء، مفتي الجمهورية الأسبق، وأ.د.شوقي إبراهيم علام، مفتي الجمهورية السابق، وأ.د.سلامه داوود، رئيس جامعة الأزهر، والقس الدكتور أندريه زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية، وعدد من السفراء، وجمع من علماء الأزهر والأوقاف، ورجال الفكر والثقافة والإعلام والمجتمع المدني.
د. نصر فريد واصل يستعرض أبرز المحطات في حياته الإفتائية خلال توليه منصب الإفتاء
د. نصر فريد واصل في كلمته باحتفال دار الإفتاء بمرور ١٣٠ عامًا على إنشائها:
– كنت حريصًا على أن تكون الفتوى محافظة على استقرار المجتمع وأمنه
– جهودنا في الإفتاء هدفت لحماية المجتمع من الفتن والتوترات نتيجة الفتاوى غير الرسمية

قال الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنه يتشرف بأن يكون عضوًا بهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتيًا للديار المصرية في فترة من الفترات، موضحًا أنه كان يعمل دائمًا وفق منهج الشريعة الإسلامية دون إفراط أو تفريط.
جاء ذلك خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية لاحتفالية دار الإفتاء المصرية بمناسبة مرور 130 عامًا على تأسيسها، والتي شهدت حضور عدد من الوزراء وقيادات الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، بالإضافة إلى رجال الفكر والثقافة والإعلام والمجتمع المدني، والمفتين السابقين وأُسر المفتين الراحلين الذين أسهموا في مسيرة الدار عبر أكثر من قرن من العطاء.
وتطرق مفتي الجمهورية السابق إلى أبرز المحطات في حياته الإفتائية، من بينها المبادرة التي قدمها لتوحيد بداية الشهور القمرية، استنادًا إلى أدلة بحثية وشرعية، وذلك خلال اجتماع عُقد في مكة المكرمة بحضور 18 دولة ممثلة بمفتيها وعلماء الفلك المختصين، نظرًا للاختلاف الواسع بين الدول العربية والإسلامية في تحديد بداية رمضان والعيدين، مؤكدًا أن المجتمعين أقروا اعتماد بداية الشهور العربية، وهو ما تتبناه معظم الدول حتى الآن.
كما استعرض قضية فتوى التدخين، مشيرًا إلى أن الدراسات الحديثة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية أثبتت أضرار التدخين على صحة الإنسان وعلاقاته الأسرية، وهو ما دفع دار الإفتاء إلى إصدار فتوى بتحريمه شرعًا، معتمدة على الأدلة الشرعية والعلمية ونشرتها على نطاق عالمي.
وأكد الدكتور نصر فريد واصل أنه كان حريصًا عند توليه منصب الإفتاء على أن تكون الفتوى محافظة على استقرار المجتمع وأمنه، وأن تواجه الفتن والجدل الذي كانت تثيره بعض الجماعات الإسلامية وجماعات الإسلام السياسي من خلال فتاوى غير رسمية تؤدي إلى توترات في المجتمع، مشددًا على دَور دار الإفتاء في نشر الفهم الصحيح للشريعة والحفاظ على وحدة المجتمع.
واختتم كلمته بتوجيه الشكر للحضور على مشاركتهم في هذه الاحتفالية، معربًا عن تقديره لدعوة دار الإفتاء المصرية لهذا الحدث المهم، الذي يجمع بين تكريم الماضي واستعراض الإنجازات ودعم المسيرة الإفتائية في خدمة المجتمع.
وزير الأوقاف في احتفالية الإفتاء بمرور 130 عامًا على إنشائها: دار الإفتاء المصرية تستند إلى إرث علمي عميق يمتد منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم
– مفتي الديار المصرية يعد مرجعًا عالميًّا يرجع إليه كثير من العلماء في شتى الأقطار
– وزارة الأوقاف ستظل داعمة ومساندة لدَور دار الإفتاء في الحفاظ على التراث العلمي

أكد الأستاذ الدكتور أسامة السيد الأزهري وزير الأوقاف، أن دار الإفتاء المصرية تستند إلى إرث علمي عميق يمتد منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، مشيرًا إلى أن استمرار الأجيال العلمية هو سر استمرارية رسالة الإفتاء في مصر.
وأضاف خلال كلمته بمناسبة احتفال دار الإفتاء بمرور 130 عامًا على تأسيسها، أن مفتي مصر يمثل مرجعًا عالميًّا يعود إليه العلماء من جميع الأقطار، مشيدًا بالجهود العلمية الكبيرة لدار الإفتاء المصرية على مدار تاريخها، مشيرًا إلى أن مؤسسة دار الإفتاء المصرية تستند إلى تاريخ عريق، حيث يمثل المفتون الذين تولوا أمانة الإفتاء امتدادًا للصحابة الكرام الذين تولوا مهامَّ الإفتاء والقضاء والتعليم والتدريس في عصرهم.
ولفت الوزير الانتباه إلى أن بعض الصحابة تقلَّدوا الإفتاءَ في حياة النبي صلى الله عليه وسلم دلالةً على الرضا والاعتراف بمكانتهم العلمية -ومنهم معاذ بن جبل- وقد كانوا نوَّابًا عن النبي في تقديم الإرشاد والعون الإفتائي للمحتاجين، موضحًا أن الإفتاء في مصر تأسس على يد الصحابي عقبة بن عامر، الذي كان أول من تصدى للإفتاء في مصر، ثم توارثت المهمة كوكبة من العلماء البارزين، مضيفًا أن كل جيل من المفتين ترك إرثًا علميًّا مهمًّا، مؤكدًا أن مفتي مصر يعد مرجعًا عالميًّا يرجع إليه كثير من العلماء في شتى الأقطار؛ ما يعكس شرف مصر ومكانتها العلمية.
وتوجَّه وزيرُ الأوقاف إلى الله بالدعاء لفضيلة الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد -مفتي الجمهورية- قائلًا: “على يدكم يديم الله الخيرَ العميم على البلاد والعباد، سائلًا الله أن يمدكم بالتوفيق، وأن يرسخ نور العلم في أفق الأمة، وأن وزارة الأوقاف ستظل داعمة ومساندة لدَور دار الإفتاء، مشيدًا بالجهود التي تبذلها المؤسسة في الحفاظ على التراث العلمي وتوثيق التواصل بين الأجيال.
يُذكر أن دار الإفتاء المصرية عقدت اليوم الأحد، احتفالية كبيرة بمناسبة مرور 130 عامًا على إنشائها، ولتكريم مفتيها السابقين، حرصًا منها على تعزيز الروابط العلمية بين الأجيال، وتأكيدًا لأهمية العلم ورحمه بين أهله.
د. شوقي علام في كلمته: تاريخ دار الإفتاء يسطِّر جهودًا كريمة لبناء المجتمع المصري
– الفتوى طوال تاريخ دار الإفتاء كانت حافظة للاستقرار ومراعية للمواطنة

قال الأستاذ الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية السابق، إن تاريخ دار الإفتاء المصرية يسطِّر كل جهد كريم شريف نفخر به جميعًا، ليكون هذا الجهد في النهاية لَبِنة في بناء صرح عظيم في المجتمع المصري.
جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية لاحتفالية دار الإفتاء المصرية بمناسبة مرور 130 عامًا على تأسيسها، بحضور عدد من الوزراء وقيادات الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، ورجال الفكر والثقافة والإعلام والمجتمع المدني.
وأضاف مفتي الديار المصرية السابق، أنه لم تكن جهود دار الإفتاء المصرية قاصرة على مصر، وإنما امتدت إلى الآفاق بعقل واعٍ مستنير، يكاد يكون هذا التحرك ملامسًا لكل أرجاء الكون. وقد سجَّل الأرشيف لدار الإفتاء رسائل واردة إلى الشيخ محمد عبده والشيخ المطيعي، وبعدها شاء القدر أن تبادر دار الإفتاء بإنشاء مظلة جامعة عام 2015 وهي الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم.
وتابع الأستاذ الدكتور شوقي علام قائلًا: إن فتاوى دار الإفتاء طوال تاريخها راعتْ أحوال الناس والزمان والمكان، وحرصت على رعاية وأمن المجتمع ومبدأ المواطنة، كما راعتِ التشريعات التي صدرت في الدولة وجعلت من قوانين الدولة رافعًا للخلاف الفقهي، فكان المجتمع مستقرًّا بهذه الدار.
وفي ختام كلمته أكد أ. د. شوقي علام – مفتي الديار المصرية السابق- أن الدار مدَّت أياديها دائمًا إلى المختصين في كل مجال: الطبي والاقتصادي وغيرهما؛ لإخراج فتوى منضبطة تراعي الواقع والبلاد والعباد.
يُذكر أن دار الإفتاء المصرية عقدت اليوم احتفالية كبرى بمناسبة مرور 130 عامًا على تأسيسها، وذلك بقاعة الاحتفالات بمقر الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، بحضور نخبة من كبار الشخصيات الدينية والتنفيذية، وفي مقدمتهم المفتون السابقون وأُسر المفتين الراحلين الذين أسهموا في مسيرة الدار عبر أكثر من قرن من العطاء.
الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية: دار الإفتاء المصرية حصن منيع للمجتمع في عصر الفتن وفتاوى المتفيهقين
– دار الإفتاء عبر تاريخها تَسير وَفْقَ منهج منضبط ومستند إلى قواعد علمية واضحة وراسخة
– دار الإفتاء تعمل على صياغة وعي متجدد من خلال خطاب شرعي أصيل وتعاون علمي راسخ

أكَّد الأستاذ الدكتور محمد عبد الدايم الجندي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أن دار الإفتاء المصرية حصن منيع للوعي في زمن التحديات وحصن للمجتمع في عصر الفتن وفتاوى المتفيهقين، موضحًا أن تحصين الوعي يكون بتحرير المفاهيم وترسيخ الوسطية الشرعية وتجفيف منابع التطرف.
جاء ذلك خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية لاحتفالية دار الإفتاء المصرية بمناسبة مرور 130 عامًا على تأسيسها، نيابةً عن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، حيث نقل تحيات الإمام الأكبر إلى الحضور في الحفل الكريم.
وأوضح الدكتور الجندي أن دار الإفتاء المصرية، على مر تاريخها، تتبع منهجًا منضبطًا يرتكز على قواعد علمية واضحة وراسخة، يشمل تحرير المفاهيم وتوضيح المصطلحات التي يسيء استخدامها المتطرفون، وترسيخ منهج الوسطية والانضباط الشرعي دون إفراط أو تفريط، وتجفيف منابع التطرف عبر رصد الفتاوى التكفيرية وكشف زيف دعاوى المتطرفين وفضح أساليب دعاة الفوضى، مع تقديم خطاب إفتائي رشيد يعمل على معالجة الشبهات وتفكيكها من جذورها.
وأشار الأمين العام إلى أن سند دار الإفتاء العريق يربط بين أعلام الفتوى والمفتين الكبار عبر التاريخ وصولًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم عن طريق سيدنا عقبة بن عامر، ما يمنح الدار القدرة على حماية الوعي من الانزلاق نحو منحدرات الفكر المتطرف ومنع استقطاب المتشددين والمضللين، مع التأكيد على التمسك بالوسطيَّة والمنهج الأزهري الأصيل في جميع مجالات العمل الدعوي والفكري.
وأضاف أن دار الإفتاء تمتلك حصونًا منيعة تمنح المجتمع وعيًا واقيًا، تشمل التأصيل الشرعي والفكري، والدور التوعوي والإرشادي من خلال الإعلام والجامعات والندوات والمؤتمرات، والدور المؤسسي والعلمي عبر منصاتها البحثية الفقهية، إضافة إلى البعد الإنساني والعالمي في تقديم المبادرات الأخلاقية والروحية وإحياء أقوال شيوخ الأزهر الذين تولوا رتبة الإفتاء.
واختتم الدكتور الجندي كلمته بالتأكيد على أن دار الإفتاء المصرية، تعمل على صياغة وعي متجدد من خلال خطاب شرعي أصيل وتعاون علمي راسخ، وذلك استنادًا إلى تراثها العريق وسندها الأزهري وشيوخها الكبار، متوجهًا إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء أن يجعل من هذه الاحتفالية مناسبة لتعزيز رسالة الفتوى الوسطية السليمة ونشر ثقافة المحبة والتسامح.
يُذكر أن دار الإفتاء المصرية عقدت اليوم احتفالية كبرى بمناسبة مرور 130 عامًا على تأسيسها، بقاعة الاحتفالات بمقر الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، بحضور نخبة من كبار الشخصيات الدينية والتنفيذية، وفي مقدمتهم المفتون السابقون وأسر المفتين الراحلين الذين أسهموا في مسيرة الدار على مدار أكثر من قرن من العطاء.
د.علي جمعة في كلمته: دار الإفتاء ليست مجرد مؤسسة إدارية بل فضاء علمي هادف يسعى لتحقيق مقاصد الشرع في عمارة الأرض
– الاحتفال بذكرى دار الإفتاء قراءة واعية لمسيرة أجيال من العلماء وموروث الفتوى
– دار الإفتاء تجمع كنوز الاجتهاد وتؤسس لمنهج واضح في التعامل مع النصوص الشرعية
– العلماء المؤسِّسون للدار جسَّدوا الانحياز للحق والالتزام بالمنهج العلمي

أكَّد الأستاذ الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن دار الإفتاء المصرية ليست مجرد مؤسسة إدارية، بل فضاء علمي هادف يسعى لتحقيق مقاصد الشرع في عمارة الأرض، مضيفًا أن تاريخ دار الإفتاء حافل بالعلم والاجتهاد، وقد حمله علماء مخلصون جمعوا بين المدرسة الأزهرية والمنهج المؤسسي.
وأشار مفتي الجمهورية الأسبق إلى أن هذا الحدث يمثِّل لحظة تاريخية بالغة الدلالة، تتصل فيها حلقات الزمن اتصالًا حيًّا يأخذ من الماضي جذوره الراسخة، ويستمد من الحاضر دروسه ومعطياته، وينفتح على المستقبل بما يقتضيه من رؤية واعية تستند إلى العلم والمنهج والتجربة المتراكمة.
وأوضح د.علي جمعة أن دار الإفتاء لم تُنشأ لتكون مجرد مبنًى أو جهازًا إداريًّا، بل لتكون فضاءً للعلم الشرعي الرصين، ومنارة للهداية تعمل على تحقيق مقصود الشرع في عمارة الأرض ونفع الناس، مؤكدًا أن العمل في الإفتاء يبدأ من الإنسان قبل البنيان، ويرتكز على منهج أصيل وعقل منضبط يجعل العلم سبيلًا إلى خشية الله تعالى، كما قال سبحانه: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28].
وبين أن الاحتفال بتلك المناسبة ليس مجرد استدعاء لتاريخ محفوظ في السجلات، بل هو قراءة واعية لمسيرة امتدَّت عبر أجيال من العلماء حملوا لواء الفتوى في مصر، فأثرَوا ضمير الأمة، وشاركوا في تشكيل العقل الجمعي، وتركوا ميراثًا علميًّا لا يزال يشكِّل جزءًا أصيلًا من الذاكرة المؤسسية للدار.
وأضاف أن دار الإفتاء جمعت خلال قرن وثلاثة عقود كنوزًا من الاجتهادات الموثقة التي تعكس دقة منهجها ورسوخ علمائها، واستطاعت أن تؤسِّس لنفسها منهجًا واضحًا في التعامل مع النصوص الشرعية، قائمًا على الفهم المقاصدي، والالتزام بالقواعد العلمية، وإدراك متطلبات الواقع.
وتناول عددًا من المحطات التاريخية التي مر بها منصب الإفتاء منذ عهد الشيخ محمد أمين المهدي الذي عُرف برسوخ علمه وسَعة اطلاعه، ثم الشيخ محمد البنا الذي حمل الأمانة بإخلاص حتى اضطر لطلب الإعفاء لظروف صحية قاهرة، ثم جاء الشيخ بخيت المطيعي أحد كبار علماء عصره، الذي وصفه معاصروه بأنه أعلم أهل زمانه، وأن الفتوى عنده لم تكن تتأخر، بل كانت تصدر بعد نظر دقيق واجتهاد عميق، وقد بقيت مجموعة من فتاواه بخطه شاهدةً على منهجه الرصين وقدرته الفائقة على الاستنباط.
كما ذكر أن شخصية الشيخ محمد أمين المهدي تمثل نموذجًا للعالم الذي لم يستنكف عن طلب مزيد من العلم رغم توليه منصب الإفتاء شابًّا؛ إذ استدعى شيخه الشيخ خليل ليتتلمذ عليه من جديد، ثم أصدر مجموعته الشهيرة “الفتاوى المهدية” التي جمعت بين النسق الأزهري العريق والدور المؤسسي للإفتاء؛ ما أسهم في تطوير المنهج العلمي للدار في سنواتها الأولى. وأشار إلى أن هذه النماذج من العلماء تجسِّد معنى الانحياز للحق دون تردد، والالتزام بالمنهج العلمي مهما كانت التحديات، وهو ما أسس لتراث كبير استمرت به الدار حتى اليوم.
وشدد مفتي الجمهورية الأسبق، على أن دار الإفتاء المصرية لم تكن يومًا بعيدة عن قضايا الأمة، بل كانت دائمًا في قلب الأحداث، تُسهم في مواجهة الفكر المنحرف، وتبصِّر الناس بأمور دينهم ودنياهم، وتقدم اجتهاداتها في إطار منضبط يراعي مقاصد الشريعة ويستجيب لمقتضيات الواقع المتجدد، موضحًا أن الدار وهي تحتفل بهذه الذكرى العزيزة إنما تؤكد رسالتها في حماية الوعي العام، وتحصين المجتمع بالفكر الصحيح، وإحياء قيم العلم والعمل والعمران، مستشهدًا بقوله تعالى: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61].
واختتم كلمته بالتأكيد على أن فضل الله تعالى هو الأصل في كل ما تحقق، وأن هذه المؤسسة التي بدأت باسم الله وانطلقت باسمه ستظل بعونه تعالى منارة هدًى وبصيرة وعلم، تحمل رسالة الحق، وتعمل من أجل رفعة الوطن، وخدمة الناس، وتحقيق المقاصد العليا للشريعة الغراء.

اكتشاف المزيد من جورنال أونلاين
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.










