أراء وكتاب

العدالة الدستورية تقبل “التذكير بما أقره الدستور”، و”تُذَكِّرُ” به المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي

د. هشام برجاوي أستاذ بجامعة محمد الخامس - الرباط

أحدث الأخبار
مؤشرات الأسواق العالمية

يسترعي الاستدلال، الذي توسلت به المحكمة الدستورية عند فحصها للمادة الأولى من القانون التنظيمي المتعلق بشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، ملاحظة هامة، ترتبط بتصريحها بأنه لا يوجد في “سلوك” المشرع ما يخالف الدستور إذا “ذَكَّرَ” في القانون التنظيمي بمقتضيات، سبق للدستور أن صرح بها، دون أن تكون، وجوبا، منتمية إلى النطاق الذي حدده الدستور للقانون التنظيمي المعني.

وعند استيفاء الشرطين السابقين، أي:
– تصريح سابق في الدستور؛
– و”تذكير” في القانون التنظيمي؛
توصف المقتضيات المعنية، والمتجلية في التذكير بأسانيد الحق في ممارسة الإضراب ضمن العمل الاتفاقي الدولي المصادق عليه من المغرب، بأنها غير مخالفة للدستور، وإن كانت لا تنتمي إلى مجموعة تعريف القانون التنظيمي. وهو ما يعني، من حيث المبدأ، أن العدالة الدستورية تتبنى التحليل الغائي (البحث عن الغايات) للقانون التنظيمي، شريطة أن لا يفرز تناقضا مع النص الصريح للدستور، فمراقبة الدستورية لا تعني، تلقائيا على الأقل، تقييد أسلوب الصياغة أو البناء الحجاجي أو الهدف ذي الصبغة السياسية الذي يرومه المشرع، ذلك أن القانون ليس عملا فنيا فحسب، بل هو جواب تقدمه السلطتان التشريعية والتنفيذية، بموجب الشرعية الديمقراطية، للأولويات التي حصلت عن طريقها على ثقة الناخبين.

إن الاستدلال الذي أسست عليه العدالة الدستورية قرارها منسجم مع التعريف الذي اعتمده كل من الفقه والممارسة الدستورية للقانون التنظيمي، كما أنه ينسجم مع مذهب Georges Burdeau و Guy Carcassonne و Olivier Duhamel وغيرهم، في اعتبار المراقبة الإجبارية على القوانين التنظيمية التي تختص بها العدالة الدستورية امتدادا لمراقبتها على سلامة عمليات الاستفتاء المختتمة بالتصريح بقانونيتها.

إضافة إلى أهمية الاستدلال بالتجزيء Raisonnement par incréments، يبدو أن العدالة الدستورية قد أنجدت انسجام البناء المؤسساتي المغربي وكذا الزمن السياسي المتسارع نحو الانتخابات، عندما وجدت، عن طريق الاستدلال المستخرج من كلمة “تذكير”، تبريرا رصينا لم يصادفه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عندما ارتأى في موقف مفرط في “التقنوية” حذف المقتضيات “التذكيرية”.


اكتشاف المزيد من جورنال أونلاين

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

هانى خاطر

الدكتور هاني خاطر حاصل على درجة الدكتوراه في السياحة والفندقة، بالإضافة إلى بكالوريوس في الصحافة والإعلام. يشغل حالياً منصب رئيس الاتحاد الدولي للصحافة العربية وحقوق الإنسان في كندا، كما يتولى رئاسة تحرير موقع الاتحاد الدولي للصحافة العربية وعدد من المنصات الإعلامية الأخرى. يمتلك الدكتور خاطر خبرة واسعة في مجال الصحافة والإعلام، ويُعرف بكونه صحفياً ومؤلفاً متخصصاً في تغطية قضايا الفساد وحقوق الإنسان والحريات العامة. يركز في أعماله على إبراز القضايا الجوهرية التي تمس العالم العربي، لا سيما تلك المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والحقوق المدنية. طوال مسيرته المهنية، قام بنشر العديد من المقالات التي سلطت الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات التي تطال الحريات العامة في عدد من الدول العربية، فضلاً عن تناوله لقضايا الفساد المستشري. ويتميّز أسلوبه الصحفي بالجرأة والشفافية، ساعياً من خلاله إلى رفع الوعي المجتمعي والمساهمة في إحداث تغيير إيجابي. يؤمن الدكتور هاني خاطر بالدور المحوري للصحافة كأداة فعّالة للتغيير، ويرى فيها وسيلة لتعزيز التفكير النقدي ومواجهة الفساد والظلم والانتهاكات، بهدف بناء مجتمعات أكثر عدلاً وإنصافاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا