أراء وكتاب

رسالة إلى الحبيب محمد بن عيسي

الروائي : أحمد المديني

أحدث الأخبار
مؤشرات الأسواق العالمية

بعد شهر وأنت تسمو في سماك

أنت جديرٌ بالحياة، ونعيُك أمس إجراءٌ للطبيعة بحتمية فناء المادي. لذا ما غاب منك الآن هو الجسد، فقط، فيما كلُّ ما فيك، ومنك، وجهُك، قولُك، صوتُك، مهابتُك، بساطتُك، انشراحُك، ترحيبُك، جلوسًا يكونون فجأة جمعهُم، فرادى، صفوف، تُطِلُّ ها هم وقوف؛ فما هو منك، إليك، باقٍ حيّ، أبقى منا نحن الذين شيعّنا أنفسنا في جنازتك المفترضة، وحقّك جديرةٌ بك هي الحياة.

يقينًا لم يكن حلمًا، فالحلم إذ نستيقظ صباحًا يختفي، وأنا الآن في منتهى الصّحو يقظًا أبلُغ إلى أصيلة، وبمدخلها ألقاك، يسبِقك افترارُ محيّاك، وحولك طوْقُ الأهِلّة والكواكب تقبِس منك المحبة، قد اتسعت عليها الرؤية فتفرك العيون حتى تراك، وتمشون خِفافًا: نبيٌّ وأبيٌّ وملاك. ليوبولد سنغور، تشيكايا أوتامسي، في الحضرة محمود درويش وأدونيس، من كل بلاد عربية شاعر سفيرها، بعد عكاظ بنيتَ كعبة للشعراء، وبلدةٌ بحجم قُبلة على شفتين، صيّرتَها الأمم المتحدة للمفكرين والفنانين والنّبغاء، وّإذ أهلّ الطيب صالح حُجّةُ الرواية والسودان غَشت أصيلة عمامتُه مُزُنًا بيضاء.

يقينًا إنك حيٌّ وليتّهمني من شاء بالإرجاف، الله وحدَه أخاف، وحقِّه بين الرباط وباريسَ دارت علينا كأسُ المحبة سُلاف. لستُ وحدي، من هُم قبلي وسيبقون بعدي شهودًا فلاسمك هذا الهتاف. لم يكن نحيبًا أبدًا توديعك، أكاد أقول رأيت الملائكة وشرفاء العيساوية يرحّبون بوصولك إلى سمائهم في اصطفاف، والثرى سمعت همسَه يا محمد سليل الأشراف تأخرتَ عني أنا أمُّك يا قُرّة العين حان أوان الطواف.

شهرٌ تصرّم مثل عُمرٍ أم دهرٍ أقصرُ منه خفقة طير، فإن عيني ما أُُغلقتا دونك ولا سلا القلب عنك، ثق ربُّك الذي يحبّك اصطفاك، وأزفُّ إليك قبل أن تحين ساعة لقياك، بشرى تسقي تُربك، فالولد الذي نفخت في رحم أصيلة من موهبتك اشتدّ عوده وتولّى حاتم البطيوي الأمر، لن أقول بعدك، ستكون وتبقى له عضدًا وأنت في علاك، هو وصحبُه يعاهدونك مع خير من في السماء.


اكتشاف المزيد من جورنال أونلاين

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

هانى خاطر

الدكتور هاني خاطر حاصل على درجة الدكتوراه في السياحة والفندقة، بالإضافة إلى بكالوريوس في الصحافة والإعلام. يشغل حالياً منصب رئيس الاتحاد الدولي للصحافة العربية وحقوق الإنسان في كندا، كما يتولى رئاسة تحرير موقع الاتحاد الدولي للصحافة العربية وعدد من المنصات الإعلامية الأخرى. يمتلك الدكتور خاطر خبرة واسعة في مجال الصحافة والإعلام، ويُعرف بكونه صحفياً ومؤلفاً متخصصاً في تغطية قضايا الفساد وحقوق الإنسان والحريات العامة. يركز في أعماله على إبراز القضايا الجوهرية التي تمس العالم العربي، لا سيما تلك المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والحقوق المدنية. طوال مسيرته المهنية، قام بنشر العديد من المقالات التي سلطت الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات التي تطال الحريات العامة في عدد من الدول العربية، فضلاً عن تناوله لقضايا الفساد المستشري. ويتميّز أسلوبه الصحفي بالجرأة والشفافية، ساعياً من خلاله إلى رفع الوعي المجتمعي والمساهمة في إحداث تغيير إيجابي. يؤمن الدكتور هاني خاطر بالدور المحوري للصحافة كأداة فعّالة للتغيير، ويرى فيها وسيلة لتعزيز التفكير النقدي ومواجهة الفساد والظلم والانتهاكات، بهدف بناء مجتمعات أكثر عدلاً وإنصافاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا