دنيا ودين

مفاتيح الرزق في القرآن والسنة: بين العمل والتوكل والاستغفار

أحدث الأخبار
مؤشرات الأسواق العالمية

الرزق من أعظم النعم التي يسعى إليها الإنسان، وقد بيّن الإسلام أن له مفاتيح وأسبابًا شرعية، من التزم بها بورك له في رزقه، وفتح الله عليه من فضله. وليس الرزق مقصورًا على المال فقط، بل يشمل الصحة، والعلم، والذرية، والسعادة، وغير ذلك من خيرات الدنيا والآخرة.

أول هذه المفاتيح التقوى، وهي أعظم سبب لجلب الرزق، قال تعالى:
{ومن يتق الله يجعل له مخرجًا * ويرزقه من حيث لا يحتسب} [الطلاق: 2-3].
فالعبد التقي يفتح الله له أبواب الرزق من جهات لا يتوقعها، لأن التقوى تقرّبه من الله وتبعد عنه أسباب الحرمان.

ومن أعظم مفاتيح الرزق أيضًا الاستغفار والتوبة، قال الله تعالى على لسان نبيه نوح عليه السلام:
{فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفّارًا * يرسل السماء عليكم مدرارًا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنّات ويجعل لكم أنهارًا} [نوح: 10-12].
فالاستغفار سبب في إنزال الخيرات ومضاعفة النعم، وفيه تطهير للذنوب التي تكون أحيانًا سببًا في حبس الأرزاق.

ومنها كذلك صلة الرحم، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم:
“من أحب أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره، فليصل رحمه” [رواه البخاري ومسلم].
فمن أراد سعة الرزق وطول العمر فليحسن إلى أهله وقرابته، فإن ذلك سبب لرضى الله ورضى الناس.

ويُعد الاعتماد على الله مع الأخذ بالأسباب من مفاتيح الرزق، كما في الحديث الشريف:
“لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا وتروح بطانًا” [رواه الترمذي].
فالطير تخرج صباحًا تبحث عن رزقها، لا تجلس في أعشاشها، ولكنها تعتمد على الله وهي تعمل وتسعى.

ومن مفاتيح الرزق كذلك الصدقة والإنفاق في سبيل الله، إذ قال الله تعالى:
{وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين} [سبأ: 39]،
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“ما نقص مال من صدقة” [رواه مسلم].

وللرزق أبواب خفية أيضًا مثل الشكر، فإن الشكر يحفظ النعم ويزيدها، كما قال الله تعالى:
{لئن شكرتم لأزيدنكم} [إبراهيم: 7].

إن مفاتيح الرزق بين يدي كل إنسان، لكنها تحتاج إلى وعي ويقين وصبر. فلا يكفي الدعاء دون عمل، ولا السعي دون توكل، بل لا بد من الجمع بينهما حتى يفتح الله أبوابه، ويكتب للعبد الخير في دنياه وآخرته.


اكتشاف المزيد من جورنال أونلاين

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

هانى خاطر

الدكتور هاني خاطر حاصل على درجة الدكتوراه في السياحة والفندقة، بالإضافة إلى بكالوريوس في الصحافة والإعلام. يشغل حالياً منصب رئيس الاتحاد الدولي للصحافة العربية وحقوق الإنسان في كندا، كما يتولى رئاسة تحرير موقع الاتحاد الدولي للصحافة العربية وعدد من المنصات الإعلامية الأخرى. يمتلك الدكتور خاطر خبرة واسعة في مجال الصحافة والإعلام، ويُعرف بكونه صحفياً ومؤلفاً متخصصاً في تغطية قضايا الفساد وحقوق الإنسان والحريات العامة. يركز في أعماله على إبراز القضايا الجوهرية التي تمس العالم العربي، لا سيما تلك المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والحقوق المدنية. طوال مسيرته المهنية، قام بنشر العديد من المقالات التي سلطت الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات التي تطال الحريات العامة في عدد من الدول العربية، فضلاً عن تناوله لقضايا الفساد المستشري. ويتميّز أسلوبه الصحفي بالجرأة والشفافية، ساعياً من خلاله إلى رفع الوعي المجتمعي والمساهمة في إحداث تغيير إيجابي. يؤمن الدكتور هاني خاطر بالدور المحوري للصحافة كأداة فعّالة للتغيير، ويرى فيها وسيلة لتعزيز التفكير النقدي ومواجهة الفساد والظلم والانتهاكات، بهدف بناء مجتمعات أكثر عدلاً وإنصافاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى