
بعد مرور ٢١٤ عامًا على الخامس من يوليو ١٨١١، العيد الوطني لفنزويلا، نُوجّه تحية إجلال لأولئك الوطنيين الفنزويليين الذين اجتمعوا في برلمان فنزويلا، والذين، بشجاعةٍ وإقدامٍ وحبٍّ للحرية، تمكّنوا رسميًا من إتمام مسيرة الاستقلال التي بدأت في ١٩ أبريل ١٨١٠، عندما عبّر شعب كاراكاس عن إرادته الراسخة في التحرر من الاستعمار الإسباني.
في الخامس من يوليو ١٨١١، تم إعلان الجمهورية الأولى لفنزويلا. وقد أُقيم هذا الحدث في مدينة كاراكاس، وأُعلن للعالم انفصالنا عن التاج الإسباني وتأسيس جمهورية جديدة بين دول العالم؛ وقد شكل هذا التأسيس مثالًا يُحتذى به لسائر بلدان القارة، فمنذ ذلك الحدث التاريخي، بدأت دول أمريكا الجنوبية الواحدة تلو الأخرى بإعلان استقلالها عن الإمبراطورية الإسبانية آنذاك.
في الخامس من يوليو عام ١٨١١، وُقّع إعلان الاستقلال خلال جلسة تاريخية للبرلمان الفنزويلي، مُضفيًا بذلك طابعًا رسميًا على الانفصال الفعلي عن إسبانيا من قبل الولايات السبع المتحدة التابعة للقيادة العامة لفنزويلا آنذاك وهي (كاراكاس، باركيسيميتو، كومانا، برشلونة، ميريدا، مارجريتا، تروخيو)، والتي اتحدت تحت اسم “الكونفدرالية الأمريكية لفنزويلا في القارة الجنوبية”. أعلنت هذه الوثيقة الرسمية، التي تُمثّل نشأة الحقبة الجمهورية الفنزويلية، وأرست مبدأ المساواة بين المواطنين، ورسّخت المبدأ الدستوري، وعارضت بشدة الممارسات السياسية والثقافية والاجتماعية التي سادت بعد ثلاثة قرون من الهيمنة الاستعمارية في أمريكا اللاتينية.
تأسس برلمان فنزويلا في الثاني من مارس عام ١٨١١، ليكون بذلك الأقدم في أمريكا اللاتينية وثاني أكبر برلمان في الأمريكتين بأسرها. حلّت محل المجلس الأعلى العسكري في كاراكاس، الذي تأسس في 19 أبريل1810. وخلال مداولاته، برزت خلافات سياسية وأيديولوجية حول الطريق الذي ينبغي اتباعه بين من دافعوا بحزم عن الاستقلال التام ومن ظلوا موالين للتاج الإسباني.
أدى هذا التردد في اتخاذ القرار إلى إنشاء الجمعية الوطنية، وهي مجموعة كانت تضغط على البرلمان لإعلان استقلال فنزويلا النهائي عن عاصمة الدولة الإسبانية. وكان من أبرز أعضائها سيمون بوليفار وفرانسيسكو دي ميراندا.
في مواجهة تردد بعض ممثلي البرلمان الفنزويلي، في 3 يوليو 1811، أي قبل يومين من إعلان استقلال فنزويلا، ألقى الثوري الشاب سيمون بوليفار خطابًا تاريخيًا في الجمعية الوطنية، وجّه فيه رسالة واضحة إلى الهيئة التشريعية، حدد فيها مسار النضال من أجل استقلال فنزويلا:
“ليس الأمر أن هناك برلمانين. كيف يمكن لأولئك الذين يدركون أهمية الوحدة أن يغذّوا الانقسام؟ ما نريده هو أن تكون هذه الوحدة فعالة، لِتشجيعنا على القيام بالمهمة المجيدة لنيل الحرية. أن نتّحد فقط لنرتاح وننام في أحضان اللامبالاة، كان بالأمس ضعفًا، أما اليوم فهو خيانة. إن ما يُناقش في البرلمان الوطني هو ما كان يجب أن يُحسم مسبقًا.
وماذا يقولون؟ إن علينا أن نبدأ باتحاد كونفدرالي، وكأننا لسنا متحدين أصلًا ضد الطغيان الأجنبي. ويقولون أيضًا إن علينا أن ننتظر نتائج السياسة في إسبانيا. وما شأننا بما إذا باعت إسبانيا عبيدها لبونابرت أم احتفظت بهم، ما دمنا قد قررنا أن نكون أحرارًا؟ إن هذه الشكوك ما هي إلا الآثار المؤسفة للقيود القديمة. يجب إعداد المشاريع العظيمة بهدوء! ثلاثمائة عام من الهدوء، أليس هذا كافيًا؟ إن المجلس الوطني يحترم، كما ينبغي، برلمان الأمة، لكن على البرلمان أن يصغي إلى المجلس الوطني، لأنه مركز التنوير ومحورالمصالح الثورية. فلنضع حجر الأساس لحرية أمريكا الجنوبية دون خوف: فالتردد هو طريق الضياع “.
منذ استقلالها، تطورت فنزويلا حتى أصبحت مجتمعًا حديثًا، وهي اليوم تبرز كدولة تُولي الأولوية للمساواة واللإندماج، وتدافع بلا حدود عن العدالة الاجتماعية. ونحن نحيي هذا اليوم الوطني كحدث خالد في تاريخ فنزويلا، ونحن على يقين أن الفنزويليين، اليوم، كما بالأمس، يخوضون كفاحًا شاقًا ضد الإمبريالية والاستعمار الجديد الذي يُحاصر شعوبنا ويُهددها ويُهاجمها. ونحن ندرك أن الاتحاد المدني-العسكري الكامل الذي يُميّز مسيرة فنزويلا الوطنية، هوما يضمن أن العمل الذي بدأه أبطالنا وبطلاتنا الفنزويليون بكل شجاعة وتصميم، سيبقى حيًا في أيدي هذا الجيل المصمم على البقاء حرًا وذا سيادة ومستقلاً.
فنزويلا بلد حرّ ومستقل، لا يقبل، ولن يقبل، أيّ تدخل من أيّ نوع من أيّ حكومة أو منظمة دولية. وسيواصل الشعب الفنزويلي السيرعلى درب الثورة البوليفارية لضمان سيادته المقدسة، بفضل القوة التي ورثها من أبطاله المحررين، وإرث القائد هوجو تشافيز. وبهذه الروح النضالية، سيواصل كفاحه من أجل الحفاظ على استقلاله وحريته الجمهورية غير القابلة للمساومة، تحت القيادة الراسخة للرئيس نيكولاس مادورو.
في الذكرى الـ 214 لاستقلالها .. تُجدد فنزويلا تأكيد التزامها بسيادة الشعوب والسلام الدولي
في الذكرى الـ 214 لإعلان استقلالها، تواصل فنزويلا مسيرتها التي رسمها مُحرروها، وتفخر بكونها وطنًا حرًا ذا سيادة، تربطه بالعالم علاقات تقوم على أساس مبادئ المساواة والاحترام، مُدافعًا عن حق شعبه في السلام والازدهار.
أكد الرئيس الفنزويلى “نيكولاس مادورو” أن وثيقة الاستقلال “أعلنتنا أحرارًا وذوي سيادة بصورة لا رجعة فيها عن أي إمبراطورية استعمارية”. وفي حديثه عن القيم الأساسية للثورة البوليفارية، صرح قائلا: “لقد أدينا واجبنا! لقد حافظنا على أثمن ما تركه لنا المُحررون والقائد هوجو تشافيز: نحن وطن حر، ذو سيادة، ومستقل، ونعيش في سلام”.
وفاءً لعقيدة سيمون بوليفار، الذي قاد الجيش المحرّر من أجل تحرير شعوب أمريكا اللاتينية الأخرى، دعا الرئيس مادورو قادة العالم إلى عقد قمة عاجلة من أجل السلام ومناهضة الحرب، في ظل التصعيد الحربي من قبل إسرائيل والولايات المتحدة في غرب آسيا.
في رسالته إلى المجتمع الدولي، أكد “نيكولاس مادورو” أن فنزويلا البوليفارية تنطلق في مواقفها من “التزامها الراسخ بالسلام ونزع السلاح واحترام القانون الدولي باعتبارها ركائز أساسية للتعايش بين الأمم”. ويستند هذا الالتزام إلى المبادئ والقيم التي تُعرّف جمهورية فنزويلا البوليفارية، والتي تجذرت بعمق لأكثر من قرنين من الزمان، وتم تجسيدها في وثيقة إعلان الاستقلال الصادرة في 5 يوليو 1811.
وبالنسبة لفنزويلا، فإن اختيار الاستقلال والسيادة يعني مواجهة الأطماع الإمبريالية في كل مكان وزمان. فمحاولات الهيمنة الاستعمارية تتكرّر اليوم في صورة أكثر من ألف إجراء قسري أحادي الجانب فرضته الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون ضد فنزويلا. وتهدف هذه الهجمات الإمبريالية، التي تستند إلى نفس الأطماع التي سادت في عام 1811، إلى الاستيلاء على موارد فنزويلا وتقويض السلام الداخلي.
كما كان الحال قبل مئتي عام، فإن القرار الحازم للشعب الفنزويلي في أن يكون حرًّا قد فرض نفسه في مواجهة الحصارات ومحاولات التقسيم وغيرها من أشكال العدوان. وتقاوم فنزويلا هذا الشكل الجديد من الاستعمار، ورغم محاولات التضييق الاقتصادي ، تنمو بجهودها الذاتية.
وكما صرّح الرئيس نيكولاس مادورو، “فنزويلا تعيش في سلام واستقرار ووحدة، وتحلم بمستقبل واعد وعظيم من الاستقلال والرخاء والسعادة”.
في فنزويلا، جعلت الثورة البوليفارية من الممكن تحقيق العدالة والمساواة والرخاء، وازدهار الحياة الاجتماعية، والحياة الكريمة، وأقصى درجات السعادة الاجتماعية. ومن بين الإنجازات الأخرى، نسلط الضوء على أهم التحولات الاجتماعية التي تم تحقيقها، وهي: زيادة الاستثمار الاجتماعي، وتعزيز نظام الصحة العامة، وإنشاء البعثات التعليمية التي أتاحت لفنزويلا الوصول إلى إنجاز محو الأمية بنسبة 100%، والزيادة الهائلة في عدد الملتحقين بالمدارس، وتأمين الحماية لنسبة 100% من السكان المتقاعدين، وتوفير السكن اللائق، وضمان الحق في الغذاء للفئات الأكثر ضعفًا.
وبالفعل، وعلى الرغم من العقوبات غير القانونية، تواصل فنزويلا تقدمها كدولة مستقلة وحرة وذات سيادة. تشهد فنزويلا تحولاً اقتصادياً مستداماً بمؤشرات اقتصادية إيجابية، وقد شهدت البلاد خلال الأشهر الستة عشر الماضية نمواً مستداماً نتيجة لبذل جهود وطنية جبارة.
في فنزويلا، تعتمد الحكومة البوليفارية خطة عمل تهدف إلى توسيع نطاق الحماية الاجتماعية، حيث يجب أن يتحول كل رقم إيجابي في مؤشرات الاقتصاد الفنزويلي إلى مؤشرإنساني يدل على الرفاهية الاجتماعية والمساواة؛ أي أن الهدف هو انتاج الثروة من أجل التعليم والرعاية الصحية والحقوق الاجتماعية والعمالية والمعاشات التقاعدية والأجور وبناء المساكن والغذاء والتنمية العلمية والتقنية والثقافية؛ باختصار، من أجل السعادة الاجتماعية التي تحدث عنها سيمون بوليفار، السعادة الاجتماعية للجميع، حيث يجب أن يكون هناك تناغم بين التنمية الاقتصادية والحقوق الاجتماعية.
كما تتمتع فنزويلا بديمقراطية بوليفارية راسخة وقوية، تشاركية وريادية، وقد نظمت خلال 26 عاماً من الثورة البوليفارية 32 عملية انتخابية، ملتزمة بأحكام دستور عام 1999، ومحترمة الإرادة الشعبية للمواطنين الفنزويليين.
وفي السياق ذاته، عززت فنزويلا دبلوماسيتها البوليفارية الناجحة من أجل السلام. وقد أعاد القائد هوجو تشافيز إحياء الرؤية البوليفارية التي ورثها المحررون الفنزويليون، ووضع فنزويلا في طليعة الدول الساعية لبناء عالم متعدد الأقطاب والمراكز. ولطالما دعا إلى “احترام حق الشعوب في تقرير مصيرها؛ واحترام حقها في اختيار طريقها الخاص؛ واحترام مبادئ القانون الدولي. إن عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي شعب مبدأ مقدس للتعايش في سلام ووئام”.
ويرى الرئيس مادورو أن هذه الرؤية تُشكل “جوهر فكر تشافيز وعمله” فيما يتعلق ب “بناء سياسة خارجية بوليفارية مستقلة”. إنها تتعلق بالوطن، و”الاستقلال الكامل ومناهضة الإمبريالية، وبوحدة وتكامل شعوب أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، وبناء عالم متعدد المراكز والأقطاب، وهو ما وصفه المحرر سيمون بوليفاربتوازن الكون”.
هذا هو موقف فنزويلا التاريخي والثابت، الداعي إلى احترام القانون الدولي والمساواة في السيادة بين الدول، باعتباره السبيل الوحيد لضمان سلام حقيقي وعادل ودائم. وقد أكد الرئيس مادورو هذا في رسالته الأخيرة بمناسبة انعقاد قمة السلام ومناهضة الحرب، والتي دعا فيها إلى “بناء توافق دولي راسخ لوقف الحرب، واحتواء التهديد النووي، وبناء منظومة سلام قائمة على العدالة”.
اكتشاف المزيد من جورنال أونلاين
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.