
إن ارتفاع معدل جرائم القتل في أي مجتمع يكون بسبب عوامل عدة ؛ منها الفقر والبطالة وضعف الوازع الديني وغياب القانون وتأثير وسائل الإعلام ؛ ومنها بل والأكثر تأثيراً الفن وهو ما أنا بصدد الحديث عنه الآن.
فلا شك أن الفن رسالة هدفها إيقاظ ضمير البشر نحو السلام، والخير، والمحبة والبعد عن العنف والشر، والتعصب ، وأن أهميّة الفنون تكمن في حياةِ الإنسان بإشباعِ الرّغباتِ الرُوحِيّة؛ وهي إفراز لثقافة المجتمع ومن ثم فإن ثقافة المجتمع، هي صورة عكسية أو مرآة ونتاج لهذه الفنون.
هذا هو المقصد من صناعة الفنون إذا كان الراعي لها يعي أن حضارات الشعوب وتقدمها تقاس بمدى الاهتمام بالفنون؛ لكن حينما يكون الراعي للفنون في مصر سواء منتج أو فنان ليس له هدف إلا المكسب المادي فقط حينها يتحول الفن إلى احتلال للعقول وتزييف للوعي وسلب للإرادة؛ وبالتالي تتحول الفنون من مساهم رئيس في تقدم حضارة الشعوب إلى عنصر فعال في هدم كيان المجتمع وقتل القيم والمبادئ التي تسعى المجتمعات لترسيخها.
إن الأعمال التي تُعلي من جرائم القتل والحرق والتآمر والخيانة والتفكك الأسري والسرقة ليست أعمال فنية بل هي ترسيخ لمفاهيم خاطئة تعمل على تشويه صورة مصر والمصريين أمام العالم ، والغريب أن القائمين عليها يقولون إنها تنقل صورًا واقعية من المجتمع والمجتمع منهم بريء ؛ فمتى انتشرت البلطجة وانتشر القتل بين الشباب وحمل السلاح والجهر بتعاطي المخدرات إلا بعد ظهور أفلام من عينة عبده موتة و الألماني وإبراهيم الأبيض ومسلسلات مثل الأسطورة وابن حلال؛ وغيرها ، إذاً أين واقع المجتمع؟ أنتم من تزيفون هذا الواقع بهذه الأعمال التي تقدمونها والتي أصبحت نذير شؤم على مستقبل هذه الأمة.
قد حان الوقت لإسقاط كل فنان يمارس “القتل بالفن”، فأخلاقنا وأعصابنا لم تعد تحتمل مثل هذا الفجور الفني وفداحة ما يرتكبه رعاة هذه النوع من الفن؛ يمكن لنا كجمهور أن نغفر للفنان أي هفوة إنسانية عادية يقع فيها، ولكننا لا نغفر له انضمامه لعصابةٍ تقتل باسم الفن؛ ولعلنا تابعنا سابقاً كيف يتأثر الجمهور خاصة الشباب بأعمال هؤلاء الفنانين ، فهل سمعنا قبل عن خصومة بين عائلتين تصل إلى عمل زفة بقميص نوم لرجل في إحدى قرى الفيوم في عام 2016 إلا بعد أن تمت مشاهدتها في إحدى حلقات مسلسل الأسطورة ؟؟!
إن الفن الذي يتخذ الإثارة والقبح وتعظيم البلطجية وجعلهم أساطير في الأعمال الفنية ليس فناً بل جُرمًا مُبينا وحربا قذرة طويلة الأجل تستهدف تغيير الواقع من سيئ لأسوأ وخلق أجيال قادمة من البلطجية.
إن للفن تأثيرًا واضحًا على وجدان الشعوب بما يقدم وقد ظهر هذا جلياً بعد جرعة الحماس والوطنية التي
تجرعها كل أفراد الشعب ؛ كبيرهم وصغيرهم بعد عرض فيلم الممر، ومسلسل الاختيار وغيرها من الأعمال الهادفة ، وقد كان محقاً السيد الرئيس حينما قال “إحنا محتاجين فيلم زي ده كل 6 شهور” أعتقد أن هذه رسالة للمصريين جميعاً حكومة وشعباً أن نتصدى بكل قوة و بكافة الوسائل لمنع وصول سموم أصحاب الفن الهابط إلى العقل المصري والعربي وبذل الجهد لتقديم أعمال تُظهر تاريخ وحضارة مصر وتضحية وفداء أبنائها حتى يتخذها الشباب أمثلة يُحتذى بها ؛ وقتها لن نجد شبابًا يحملون الأسلحة البيضاء في الطرقات والعمل على إرهاب المواطنين ، وسيخرج لنا جيل مثله الأعلى إبراهيم الرفاعي رجل الصاعقة وغيره من الأبطال الذين ضحوا بحياتهم من أجل مصر بدلاً من الألماني و الأسطورة وعبده موتة الذين صدروا للعالم أسوأ الصور عن مصر والمصريين.
ولا يفوتنا أن نثمن ونقدر دور النيابة العامة في مكافحة تلك الجرائم وإتاحة وسيلة للتواصل مع المواطنين عبر تطبيق “واتس آب” للإبلاغ عن أي جرائم وانتهاكات يتم مشاهدتها لإرسال أي فيديوهات تشير إلى العنف لتعقب الجناة والخارجين عن القانون.
إن عقولنا أمانة وأولادنا أمانة وبيوتنا أمانة ووطننا أمانة ؛ فليحفظ كلٌّ مؤتَمنٍ أمانته
اكتشاف المزيد من جورنال أونلاين
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.